العاصمة عدن / إعلام المجلس / خاص
ألقى الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، كلمة في افتتاح أولى جلسات انعقاد الدورة الثانية للجمعية الوطنية للمجلس في مدينة المكلا فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وبه نستعين، والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين رسولنا الصادق الأمين، محـمد بن عبدالله.. وعلى آله وصحبه أجمعين ..
الأخ رئيس الجمعية الوطنية الجنوبية
الأخ رئيس القيادة المحلية بمحافظة حضرموت
الاخوات والاخوة اعضاء الجمعية الوطنية
يا ممثلي الشعب وتطلعاته العظيمة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يتكرر اللقاء بكم، وهذه المرة في حضرموت الأرض الطيبة، والجزء الكبير والغالي من هذا الوطن، ارض السلام والألفة، ارض العلم والسكينة وروح الاقتصاد، ارض النضال والصبر والكفاح والتضحية، قِبلة الحب وهواء المحبين و "المحضار" وأعلام هذه الارض الكبار.
سلاماً لحضرموت، وسلاماً للجنوب الكبير والعظيم، سلاماً للشعب وممثلي الشعب، سلاماً لأرواح الشهداء الذين ضحوا من أجل الأحياء، من اجلنا جميعا وها نحن اليوم على درب جنوبيتهم، لا تراجع عن اهدافهم ولا تنازل عن حقوقنا المشروعة التي قضوا من أجلها.
أيها الأخوة أيتها الاخوات، أعضاء الجمعية الوطنية:
اليوم وأنتم تعقدون الدورة الثانية للجمعية الوطنية الجنوبية، نجد أنفسنا جميعاً أمام مسؤولية كبيرة تتمثل في الحفاظ على مستوى تمثيل إرادة الشعب الجنوبي العظيم، بعد ان مرت لحظات فارقة تمثلت في تأسيس هذه المؤسسة التشريعية الذي يعد منجزاً وطنياً نفتخر فيه جميعاً.
نلتقي بكم اليوم مرة أخرى، بعد عام كامل على انعقاد الدورة التأسيسية للجمعية الوطنية الجنوبية. وبالقدر الذي نبارك لكم فيه بالنجاحات التي عبّر عنها العمل المؤسسي المنهجي الذي بدأ ظاهراً وجلياً على ادائكم في المرحلة السابقة، أودّ القول ان المرحلة القادمة يجب ان تركز على الأداء، والانجاز وتثبيت دعائم العمل الديموقراطي والمؤسسي بكل شفافية، فمنهجنا وهدفنا في الاطار الإداري هو إيجاد مؤسسات وطنية تتسم بالنهج الصحيح والسليم والشفافية وحسن الاداء.
أنتم تمثلون نضالات وتضحيات قدمها الشعب الجنوبي العظيم، تمثلون تاريخاً من الكفاح والصبر والآمال والتطلعات والبحث عن الحرية والشراكة، واليوم نجحنا جميعاً في اتخاذ خطوات متقدمه يجب ان نحافظ عليها ونحافظ على تقدمنا وبنفس الوتيرة، داعياً الله تعالى لكم جميعاً بالتوفيق والسداد في مسؤولياتكم ومهامكم الوطنية، وانا على ثقة كبيرة بكم.
استمروا في التعبير عما يريد الشعب تحقيقه وإنجازه، واستمروا في رسم خارطة آمنة لمستقبل هذا الشعب الذي يستحق منا الكثير، وهذه الأرض التي كانت جزءاً من نضالنا وكفاحنا جبالها ورمالها وبحرها وسماؤها. فنحن جميعاً وكما قلنا لكم سابقاً قد قررنـا استعادة الوطـن الجنوبي من خاطفيه، وسنمضي قُدُماً متمسكين بثوابت القضية وطموح الشعب وآماله وأهدافه.
الحاضرون جميعاً
عانت حضرموت من الإرهاب كثيراً مثل عدن، وأبين، ولحج وشبوه وكافة مناطق الجنوب، عانينا من الإرهاب السياسي، والتطرف السياسي، والفكر المتطرف الذي تمت صناعته وتوجيهه الينا للقضاء على أصواتنا وكسر إرادتنا، وحاربناه بكل ما نستطيع من قوة، وحققنا في ذلك نجاحات كبيرة فنحن اليوم في المكلا التي سُلمت يوما من الأيام لداعش والقاعدة، وخرجوا منها بفضل اهلها وبفضل اسهامات الجنوبيين معهم.
اننا قد خسرنا الكثير من الكفاءات والهامات الوطنية بسبب استخدام ورقة الارهاب ضدنا، ولا يمكن ان انسى ابطال حضرموت الذين قضوا بعمليات ارهابية تمثلت في اغتيالهم ظلماً وعدواناً، حيث لا يزال الارهاب يهددهم في وادي حضرموت الذي لا بد له ان يعود لأهله مثلما عادت المكلا، مثلما عاد الساحل .. يجب ان يسلم الى اهل حضرموت واديهم ومناطقهم فهم الأحرص على تأمينها والأدرى بما يجب فيها، ولن يستمر تمركز الارهاب فيها مهما كلفنا ذلك، وسيجدنا ابناء حضرموت في مقدمة صفوفهم فهذه الارض تستحق ان نضحي من اجلها.
ان الارهاب خطر محدق، وصناعته خطر آخر ونناشد التحالف ان يتدخل تدخلاً عاجلاً لمساعدتنا في القضاء عليه مثلما ساعدونا في ساحل حضرموت والمناطق الاخرى، وقد اثبتت التجربة ان ابناء الارض هم وحدهم القادرين على حماية ارضهم والذود عنها، ومن غير المعقول ان يحرس حضرموت من لا ينتمي لها، وعلى هؤلاء ان يعودوا الى مناطقهم فقتال الحوثي أوجب من البقاء في صحراء الجنوب ووديانه، ولا يعتقد احد اننا سنفرط بأي شيء.
الاخوات والأخوة
لقد أثبت الجنوبيون انهم دعاة سلام، والدليل صبرهم على كثير من الملفات التي تستوجب تحركاً عاجلاً، لكننا في كل مرة نقول ان صوت العقل هو الخيار الذي نريده، خاصة وان افقنا السياسي واسع لإستيعاب الكثير من الامور، غير ان الملف الإنساني والخدماتي لا يحتمل الصبر كثيراً.
فالوضع الانساني في كثير من المناطق يفتقد الى الحد الادنى من القبول، خاصة في وادي حضرموت. وهذا لم يأتِ من فراغ، فالمؤامرة التي تُحاك ضد وادي حضرموت والعقلة وبيحان في شبوه، لها اكثر من وجه، غير ان استمرار استغلال الملف الإنساني والخدماتي في هذه المناطق يُعد سابقة خطيرة وندرك ابعادها ولن نسمح بإسمرارها، فالتجييش في هذه المناطق على حساب الخدمات والتنمية لن يكون حلاً ولن يكون حاجزاً امام اهل هذه المناطق فالشعب قد انتصر ولم يبقى الا القليل.
اننا نتابع بدقة الأوضاع الصعبة التي تمر على بعض المناطق في بلادنا الغالية، والتي تسببت فيها محاولات الأعداء المستميتة من اجل تغيير واقعنا خدمة لمصالحهم، وهذا مخططهم منذ عقدين من الزمن، متناسين اننا قادرون على مواجهة مخططاتهم والعبور بسلام نحو مستقبلنا الآمن الذي رسمناه بأصواتنا وأقلامنا وبنادقنا ودمائنا الطاهرة التي لم ولن تغيب عن أذهاننا، فسعد بن حبريش لا يزال حاضراً، والعامري وبا وزير والعوبثاني وبا رشيد لا يزالوا حاضرين وغيرهم العشرات من الشهداء الذين قضوا من أجل إخماد صوت حضرموت الأبية.
اليوم آن لحضرموت ان تنعم بإستقلاليتها ضمن دولتنا الجنوبية الفيدرالية القادمة، آن لحضرموت ان يحكمها ويديرها أبناؤها، آن لأبناء حضرموت ان يستعيدوا عافية ارضهم، ارض الخير، آن لأبناء حضرموت ان يستفيدوا من خيراتها وثرواتها، يجب ان تمنح هذه الارض فرصتها ويجب ان يكون لأهلها سيادتهم الكاملة عليها.
السيدات والسادة، ممثلي الشعب:
إن الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية التي تمر بها بلادنا لا تزال غاية في التعقيد والصعوبة، ولا تزال تمثل تحدياً جسيماً يجب ان نكون قادرين على الاستعداد له، فالاستحقاق السياسي الكبير يحتاج الى تهيئة مؤسسية وسياسية وأمنية وعسكرية واقتصادية واجتماعية، وهذا ما نقوم به اليوم.
ان الاخطار لا تزال قائمة، والعدوان الحوثي لا يزال مستمراً ويشكل خطراً كبيراً سنستمر في مجابهته ومحاربته فهو شكلاً اخر من اشكال الارهاب، وبالامس القريب فقدنا جراء هذا العدوان قيادات عسكرية أوجعنا رحيلها، فالشهيد محمد صالح طماح والشهيد صالح قائد الزنداني خسارة فادحة على الوطن وقضيته العادلة، واستهداف الكفاءات الجنوبية أمراً متوقعاً فهو نهج استمرأته القوى المعادية منذ مطلع تسعينيات القرن المنصرم.
ان الاوضاع الاقتصاديه ليست غائبه عنا، ومثلما واجهنا ممارسات الحكومة الفاسدة سنقف امام اي محاولة لممارسة التعذيب الممنهج على الشعب، فهذه الاوراق لم تعد مجدية لتسيير الشعب ولن يرغمنا أحد على القبول بمصير سياسي لا يمثل رغبتنا ولا يعبر عن ارادتنا وتطلعاتنا. وهذا دورنا الذي لن نتوانى عن القيام به في كل الظروف.
لقد بذلت دول التحالف العربي جهوداً كبيره تشكر عليها، فلقد عملوا على كافة الاصعدة بوقت واحد، ساعدونا لمواجهة عدوان الحوثي، وقاتلوا معنا ضد تنظيم القاعدة وداعش، وقد لعبوا دوراً محوريا في ذلك من خلال التخطيط والاشراف والاسناد، وبذوا جهوداً عظيمة في الملف الانساني والخدماتي والاقتصادي، وسنرد ذلك بالوفاء لدول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، سنحافظ على شراكتنا الاستراتيجية معهم فنحن شركاء في الدم والمصير.
لم تألُ دول التحالف العربي جهدا في هزيمة الحوثي وتحرير الشمال، وتسوية كثير من الاوضاع ومعالجة كثير من الملفات، غير ان الشرعية لم تكن حليفاً صادقاً وشريكاً موثوقاً لدول التحالف العربي، وهذا يعود لتضارب المصالح بين الجماعات السياسية المسيطرة على الشرعية وبين اهداف دول التحالف العربي، فلا يمكن لأهداف الرياض ان تكون مقبوله ومنفذه لدى من يمثل طهران واسطنبول والدوحة، فجماعة الاخوان ممثلة بحزب الاصلاح لا تؤمن بهزيمة الحوثي ولا يزالوا مصرين على ان معركتهم في عدن وحقول نفط بيحان والعقلة ووادي حضرموت ومنفذ الوديعة، ودول التحالف العربي باتت تُدرك ذلك جيداً.
وهنا نجدد دعمنا ووقوفنا الى جانب دول التحالف العربي في الحرب على الميليشيات الحوثية حتى تحقيق اهداف عاصفة الحزم والأمل. وهذا موقفنا منذ البداية قولاً وعملاً.
ايها الشعب الجنوبي العظيم
لقد عملنا بكل الإمكانيات على توسيع علاقاتنا الخارجية من خلال بعثاتنا ومكاتبنا بالخارج، وقد نجحنا في التواصل مع كثير من الجهات الدولية الفاعلة ودوائر صنع القرار بالدول الكبرى والدول ذات العلاقة بملف الأزمة في بلادنا، وفي هذا الصدد نكتفي بالقول ان في جعبتنا الكثير خلال الاسابيع القليلة القادمة، حيث سنسجل حضوراً دولياً يليق بمكانتنا ومكانة قضيتنا ومستقبلنا السياسي.
نجدد التزامنا بنهج الحوار والسلام ووحدة الصف الجنوبي ومبدأ التصالح والتسامح كطريق آمن لمستقبلنا ومستقبل شعبنا وقضيتنا، فنحن نمد ايدينا دائما لكل جنوبي يريد الوطن واستعادة الحقوق وصناعة مستقبل حر نكون فيه دولة ينعم شعبها بالسلام والاحترام.
ونوجه رسالتنا اليوم الى المجتمع الدولي والى الامم المتحدة ومبعوثها الخاص السيد مارتن غريفيث، داعينهم الى الالتفات بجدية الى الواقع الجنوبي على الارض، فهؤلاء يمثلون قضية معروفة ولهم ارادة سياسية ويقف خلفهم شعب كامل وجغرافيا معروفة، وتجاوزهم لن يجلب السلام بقدر ما سيكون بوابة الى الفوضى والحرب ومزيداً من الدمار، هؤلاء لن يقبلوا تجاوز قضية شعبهم الذي يمثلونه.
بواسلنا في قوات النخبة
احييكم، وأحيي دوركم المحوري في تحرير ساحل حضرموت من الارهاب وحمايته، أحيي فيكم صبركم وشجاعتكم، انتم نموذج يجب ان يُحتذى به، وأنتم مصدر فخر لنا جميعاً خاصة وانتم اليوم تحمون أرضكم واهلكم وتتحملون مسؤولية كبيرة، سنكون فيها بجانبكم دائماً، حتى تمتدوا على كافة اراضيكم ومناطقكم دون استثناء.
انكم اليوم تقفون على جبهة لا تقل أهمية عن اي من جبهات القتال، فالأمن ومكافحة الارهاب وتأمين المواطنين مهمة جليلة وعظيمه ضحيتم من اجلها بدماء طاهرة من زملائكم فكونوا كما عهدناكم وتحت قيادتكم العسكرية المباركة يداً بيد حتى النصر بإذن الله.
الماجدات الجنوبيات
نبذل قصار جهدنا لتكونن في المكان الذي يليق بكن، انتن عصب المجتمع وروحه، ومثلما تم اخراجكن من المشهد طيلة العقود الماضية، نريد ان تأخذن دوركن من جديد، فنحن نسعى الى عهد جديد تكونن فيه رائدات ومشاركات في كافة القطاعات الوطنية والخاصة، فأحلامكن الكبيرة يجب ان تتحقق، فالمرأة نصف المجتمع ويجب ان تتاح الفرصة لتطبيق ذلك عملياً، فانتن تستحقن الخير والسلام والأمان.
شبابانا ومستقبلنا الواعد:
ان المستقبل معقود عليكم، لا نريد لكم ان تتجرعوا ما تجرعه جيل كامل قبلكم، انتم طاقات كبيره مكانها العمل والبذل والصبر، انني ارى في وجوهكم النصر والمستقبل الآمن، نريدكم ان تقودوا العمل وان تلمعوا في سماء وطنكم، فهذه ارضكم وهذه دولتكم فقوموا من اجلها ودافعوا عن احلامكم ومستقبلكم ومستقبل عائلاتكم، كونوا رمزاً للتحدي والنجاح والانجاز.
الاخوات والاخوة، ممثلي الشعب:
بيننا عهد الرجال للرجال، والوطن أمانة في أعناقنا جميعا، فكونوا على قدر من المسؤولية، فانتم هنا تمثلون الشعب. شكراً لكم وأتمنى لكم التوفيق والسداد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المكلا – حضرموت
16 فبرايــــــر، 2019م
الدائرة الاعلامية لإنتقالي العاصمة عدن .